المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموت إكلينيكيا ( نزف قلم : محمد سنجر )



محمد سنجر
21-02-2007, 12:18
( تنهد الطبيب بينما التفت إلى زوجتي مطأطأ الرأس )
: لا فائدة ، من الأفضل أن ننهي هذه المهزلة ، نحن نهدر الوقت و المال ليس إلا
: إذن فلننتهي من هذا الأمر فورا
( نزعوا عني وصلات أجهزة النبض و الضغط و التنفس الصناعي ، خرجوا يعلنون الخبر ، صرخات و عويل شق سكون الليل ، لكن لماذا كل هذه الضجة ؟ فأنا مازلت حيا ، نعم نزعوا عني جميع الأجهزة لكنني ما زلت حيا ، فها هو صوت صراخهم في أذني ، هل تريدون التخلص مني؟ لا ، لا و ألف لا ، لن أستسلم ، حاولت النهوض
أجابني الفشل ، ما هذا ؟ ما الذي حدث ؟ صرخت بأعلى صوتي أنادي )
: أبــــــــــي ، أمــــــــــــــــــــــي ، عمــــــــــــــــــــــر
هيـــــــــــــــه ، ألا يسمعني أحد ؟
( أجابني العدم ، كأن صوتي لم يصل إليهم ، أحسست و كأن حاجزا زجاجيا يحول بيني و بينهم ، بعد لحظات من المحاولات الفاشلة
وجدتني ممددا فوق طاولة ، جردوني من ملابسي ، سكبوا فوقي الماء
صرخت)
: ماذا تفعلون بي أيها السفلة ؟ هل هذا غسلي ؟ ابتعدوا عني ، فأنا ما زلت حيا ، ابتعدواااااااا
( ضاعت صرخاتي أدراج الرياح)
: لكنني أسمع أصواتكم و أراكم
( نعم فها هي أصواتكم تتردد بأذني ، ها هو أبي ، نعم أراه مقبلا علي
ها هو صوته يحدثني )
: هيه ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، هل أخذت معك شيئا ؟ هيه ، لا تجوز عليك الآن يا بني إلا الرحمة ، الله يرحمك يا بني و حسبي الله و نعم الوكيل، حسبي الله و نعم الوكيل
: أبـــــــــــــــــي ، قل لهم أنني مازلت حيا ، ألا تسمعني أنت أيضا ؟ ها هي أمي ، نعم هي التي ستحس بي و تسمعني
نعم هاهو صوتها يتردد في أذني ، نعم أسمعك يا أمي
: ماذا أخذت معك ؟ ها هي زوجتك التي لطالما سببتني و ضربتني لأجلها
ها هي زوجتك التي أوصيت لها بكل أموالك ـ أقصد أموالنا ـ ستكتوي أنت بنارها بينما ستنعم هي و زوجها المنتظر بهذه الأموال ، انظر في عينيها
انظر لهذا الشغف لانقضاء عدتها بفارغ الصبر ، حسبي الله و نعم الوكيل ، حسبي الله و نعم الوكيل
( صرخت بأعلى صوتي )
: أمــــــــــــــــــــي ، أنا لم أمت يا أمي ، أرجوك قولي لهم أنني مازلت حيا ، أبي ، قل لهم أنني مازلت حيا ، صدقني لأردن لكم أموالكم ، صدقاني لأن رجعت فلن أغضبكما أبدا ، لأضعن رأسي تحت قدميكما ، أرجوك يا أمي أنت أملي الوحيد ، قولي لهم أنني مازلت حيـــــــــــا
( صراخ أولادي اختلط ببكائهم )
: ها هو ابني عمر ، عمر أنت الآن أملي الوحيد ، اسمعني يا بني
أعلم ما ستقول و لكن ، ما زال في العمر بقية لكي أصلح ما خربت
هيـــــــــــه ، ألا تسمعني ‘ عمـــــــــــــــــــــــــــــــــــر
: سامحك الله يا أبي ، جعلتنا نمد أيدينا نسأل الناس إحسانا في حياتك
و ها أنت تتركنا صفر اليدين بعد مماتك ، ألم تسمع بقول رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) { كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول } ؟
حسبنا الله و نعم الوكيل ، حسبنا الله و نعم الوكيل
: لا يا بني ، لاااااااااااااااا ، عمر ، أنا مازلت حيـــــــا صدقني ، نعم لقد أضعتكم من أجل شهواتي و نزواتي الصبيانية ،
و لكن صدقوني ، لأن عدت لأغيرن هذا كله ، أرجوكم أوقفوا هذه المهزلـــــــــــــة ، أرجوكــــــــــــــــــــــــــــــم
( بكيت حتى فاضت الدموع المحتبسة بعيني ، عندها صرخ ابني )
: ما هذا ؟ هذه دموع أبي إنه ما زال حيا
( دخل الطبيب نحوي مسرعا ، اغتصب عيني بضوء مصباحه الصغير ،
وضع سماعته على صدري ، صرخ مستنكرا )
: لا حول و لا قوة إلا بالله ، أية دموع ؟ إنها بقايا مياه الغسل أيها التعساء ، أرجوكم أخرجوا الأطفال من هنا هيا
( عندها صرخت )
: لا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ، أرجوكــــــــــــــــــــــــــــــم
( و جدتهم يكفنوني بالأقمشة البيضاء صرخت )
: لاااااااااااااااااا ، انزعوا عني هذا الكفن ، أنا ما زلت حيا أيها الملاعين
( أتاني صوت جاري الذي تحرش بسمعي من خلف أقمشة الكفن )
: منك لله ، روح الله لا يسامحك يا شيخ ، كنت تراني و أولادي نتلوى من الجوع و أنت تعلم ، بينما تبيت متجشئا شمتانا
( صرخت بأعلى صوتي )
: بالله عليكـــم ، بالله عليكم أرجعوني فأنا ما زلت حيا ، لا لا ا ا ا ،
لا تضعوني بهذا النعش أرجوكم فأنا لم أمت بعد
( حاولت التشبث بجدار النعش ، أجابني العدم )
: أليس فيكم عاقل يتأكد من كوني ميتا أم لا
( أخرجوني ليدخلوني قبري ، حاولت الصراخ لعل منهم من يسمعني )
:أرجوكم لا تدخلوني القبر بالله عليكم ، لا صبر لي على هذه الظلمة، لا صبر لي على ما سألاقيه أرجوكم ،
لم أفعل حسنة واحدة تشفع لي ، و لا حسنة واحدة
بالله عليكم عودوا بي ثانية
( حاولت التشبث بجدار القبر الخارجي ، شلل تجمدت له أطرافي
حاولت الصراخ )
: آ آ آ آ آ آ آ هه ه ه ه ه ه ه ه ، أمــــــــــــــــــــــي ،أبــــــــــــــــــــــــــي ، أكاد أختنــــــــــــــــــــــــــــــق ،
بالله عليكم كيف ستتركونني هنا وحدي ؟ ؟ ؟ ؟
لا ا ا ا ا ا ا ا ا ا
(حاولت الفرار ، أصابني الشلل )
: أخرجوني من هنـــــا ، أرجعوني لعلي أعمل صالحا ، لعلي أنقذ نفسي من العذاب ، أخرجونـــي،أخرجونــــي ، أخرجونــــي ،أخرجونـــــي ، أخرجونــــــــي ، أخرجونـــــــــــــــي ،
( أتاني صوت أبي من خلف جدران القبر )
: صدقني لم أحزن لموتك يا بني فلقد بكيت على موتك بقلبي منذ زمن

الدكتور محمد الشمري
21-02-2007, 13:26
roooose -=-=-=-=-=-=-=-=- roooose
أستاذ محمد سنجر
roooose -=-=-=-=-=-=-=-=- roooose
عمر ما قسنا حياة المريض بالأموال وكم يكلف في المستشفى ؟ خصوصا في بلادنا الخليجية بالعكس مرات ومرات يجلس المريض بغيبوبة سنوات ويترك لأن الأمل موجود ورب العباد قادر على كل شيء وكثير حالات مرت بنا على عكس ما يحصل في بلاد أوربية وبعض البلاد العربية السرير أغلى من حياة الإنسان طالما ليس موصى عليه كـــــ (VIP)

في حالة الموت الإكلينيكي يأتي بأطباء ثقات يخافون الله ويقررون سحب الأجهزة وأن المريض ميت هذا هو الحال في الطب عندنا في بلادنا الإسلامية وبالأحرى الخليجية

وفي حالات الوفاة في المستشفي يترك المريض لمدة ساعتين حتى نتأكد من موت المريض

أما تصويرك لهذا الموضوع بهذه الطريقة لم يعجبني وأجد فيه مخالفات كثيرة غير مستحبة لنهاية إنسان ولأننا لا نعرف ما يكون الميت عليه بعد أن أفضي روحه

وشكراً

roooose -=-=-=-=-=-=-=-=- roooose
تحية من القلب

الشيخ/عبدالله الواكد
21-02-2007, 15:57
أخي أبو عمر حفظك الله

أشكرك على هذه القصة التي إختلفت قراءتي لها عن قراءة الدكتور محمد
حيث أنني أرى فيها حث المسلم على العمل الصالح والعدل في الحياة فإنه إذا مات
حتما سيندم ويقول ( ربي اجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) ولكن هيهات هيهات
ولكن الدكتور محمد حفظه الله راعى جوانب أخرى ربما مهنته إن كان طبيبا وهو أحق بالرد والمناقشة مني بل لو كنت محتاجا لرأي في هذا الجانب لاستشرته لأنه أقرب مني وأكثر مني تسليطا للضوء على هذه الجوانب الطبية وربما أيضا أبو عمر صور هذا الحدث من واقع خطأ وقع فيه طبيب ما لكن على ما نعلم من البت في الموت الإكلينيكي في بلادنا الإسلامية عموما أنه كما ذكر الدكتور محمد بل إن الطبيب المسلم بحكم علمه بعظيم حرز النفس البشرية التي حرم الله قتلها بغير حق لا يقرر نزع الأجهزة إلا تحت ضوابط معينة وبعضهم يستفتي العلماء في ذلك وهو طبيب ليبريء ذمته والله أعلم

حفظكما الله جميعا

أخوكما عبدالله الواكد

شام
21-02-2007, 16:36
تصوير ادبي راقي

وكالعادة بأسلوب رائع و مفردات جزلة

ولعل القارئ سوف يدرك المراد من الاقصوصة

وماترمي اليه ..

لقد احتوت عظة وعبرة ..

ولكن هيهات بعد أن تخرج الروح لبارئها أن تعود للجسد

لتصلح أمرها ..

الكاتب الرائع محمد سنجر

دائماً مبدع ..

بارك الله ..

محمد سنجر
22-02-2007, 14:43
جزاكم الله خيرا
يا أحبة رسول الله
صلوات ربي و سلامه عليه
كل ما قصدته من هذه القصة هي العظة ليس إلا
دون الدخول في ماهية الموت الإكلينيكي من الموت فعلا
إنما هي تصور لحال من فاته أن يعمل بما أمرنا به رب العزة سبحانه و تعالى
و ماذا لو كنا نحن في مكانه
و طبعا كلي ثقة في أطبائنا المسلمين في كل بقاع الأرض
من يخشون الله عز و جل دون النظر للماديات
و جزائهم عند رب العالمين
فهو أعلم بهم
و جزاكم الله عني خيرا
لا عدمناكم من شرفاء أمة
محمد بن عبد الله
صلوات ربي و سلامه عليه