المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "أسس التشريع الإسلامي ومدى تغيَر أحكامه بتغيّر الأزمان"



جاسم العلي
05-02-2006, 17:16
أشير فيما يلي إلى أسس التشريع الإسلامي في بند، وامثلة على هذا التشريع في بند آخر، ومدى إمكانية تغيّر أحكام التشريع بتغيّر الأزمان في بند ثالث.


البند الأول: أسس التشريع الإسلامي

يقوم التشريع الإسلامي على أسس عدة نجدها واضحة بشكل خاص في القرآن الكريم، ومنها ما يلي:



أولا: العدل
يورد القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على العدل بل توجبه بين الناس لا فرق في ذلك بين مؤمن وكافر أو مسلم وغيره. ومن أمثلة ذلك ما يلي:



1- "ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل" (النساء/58).

2- "ولا يجرمنـّكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى ....." (المائدة/8).

3- "ان الله يأمر بالعدل والإحسان ....." (النحل/90).

4- "........ وأمرت لأعدل بينكم ..... " (الشورى/15).

5- "...... فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين..." (الحجرات/9).



ثانيا: اليسر أو التيسير


كما يورد القرآن الكريم آيات عديدة تحث على اليسر والتيسير على الناس، ومن ذلك ما يلي:



1- "..... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ...." (البقرة/185).

2- ".... لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" (الطلاق/7).

3- "ونيسرك لليسرى" (الأعلى/8).

4- "فان مع العسر يسرا، ان مع العسر يسرا" (الشرح/5 و6).



ثالثا: الوسطية أو الاعتدال
ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على الوسطية أو الاعتدال حتى في مسائل العبادات. ومن أمثلة ذلك ما يلي:



1- "وكذلك جعلناكم امة وسطا ..." (البقرة/143).

2- "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا" (الاسراء/110).

3- ".... ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين" (الأنعام/141؛ الأعراف/31).

4- "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما" (الفرقان/67).



رابعا: التسامح والعفو
ومن أمثلة ذلك في القران الكريم ما يلي:



1- "خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين" (الأعراف/199).

2- "... وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" (الفرقان/63).

3- "..... إلا ان يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وان تعفوا اقرب للتقوى ........" (البقرة/237).

4- "ان تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فان الله كان عفوا قديرا (النساء/149).

5- "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة ان يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا آلا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم" (النور/22).

6- ".... فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ......." (البقرة/109).

7- "فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون" (الزخرف/89).

8- "....فاعف عنهم واستغفر لهم ......" (آل عمران/159).





خامسا: حرية الرأي

ونجد في القرآن الكريم كذلك آيات كثيرة يتبين فيها بوضوح حرية الرأي والقول في المجالات الدينية والدنيوية، بحيث لا يحاسب او يعاقب إنسان، بوجه عام، في الدنيا على تصريحه برأيه المخالف حتى للأنبياء والرسل، بصرف النظر عن حسابه في الاخرة واثر هذا الحساب. ومن امثلة ذلك ما يلي:



1- مجادلة قوم نوح، عليه الصلاة والسلام، له بقولهم "فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين" (هود / 27)، وكذلك قولهم عنه ".......... وقالوا مجنون وازدجر" (القمر/9).

2- وبالنسبة لموسى عليه الصلاة والسلام، قال قومه له "....... يا موسى انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون" (المائدة /24). وفي موطن اخر قالوا له "........ يا موسى اجعل لنا الها كما لهم الهة قال انكم قوم تجهلون" (الاعراف/138).

3- وبالنسبة لمحمد عليه الصلاة والسلام، جاء في القرآن الكريم على لسان الكفار "وقالوا يا ايها الذي نزّل عليه الذكر انك لمجنون"(الحجر/6). وكذلك "ثم تولوا عنه وقالوا معلّم مجنون" (الدخان /14).

4- وقد خاطب القرآن الكريم النبي محمد عليه الصلاة والسلام بقوله "...... وجادلهم بالتي هي احسن......." (النحل/125). ومجادلة الكفـّار في هذه الآية، كما هو واضح، تدل على حريتهم في التعبير عن رأيهم، كما ان للنبي عليه الصلاة والسلام حرية التعبير عن رأيه.



سادسا: حرية العقيدة الدينية

وهناك كثير من الآيات الكريمة التي يتبين فيها بوضوح حرية العقيدة الدينية بحيث لا يعاقب إنسان على كونه غير مسلم، او كان مسلما وارتد عن دينه، خلافا لما هو شائع في كتب التراث الإسلامي. والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها ما يلي:



1- "فمن شاء فليؤمن وما شاء فليكفر" (الكهف/29).

2- "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (البقرة /256).

3- "يا أيها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه....." (المائدة /54).





سابعا: المساواة

يتضح من القرآن الكريم ان الناس كلهم خلقوا من نفس واحدة، وانهم متساوون في الإنسانية لا فرق بين شخص وآخر، مؤمنا كان او كافرا، ذكرا كان او انثى الا بمقدار عمله وانتاجه. ومن الامثلة على ذلك ما يلي:



1- "يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء ......."(النساء /1).

2- "وهو الذي انشأكم من نفس واحدة ......." (الانعام /98).

3- "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ......" (الاعراف/189).

4- "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم" (الحجرات/13).

5- "ولقد كرّمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضـّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الاسراء /70).




البند الثاني: بعض الأحكام القانونية في الشريعة
ورد في الشريعة الإسلامية بمصادرها التقليدية المختلفة، من كتاب وسنة واجماع واجتهاد (فردي)، العديد من الأحكام لبيان الرأي والحكم الشرعي في المشاكل العملية التي كانت تواجه أو يمكن ان تواجه المجتمع في يوم من الأيام. ونشير فيما يلي لبعض الامثلة على ذلك.



اولا: امثلة من القرآن الكريم



1- بالنسبة للعقود والعهد عموما، فرض الله سبحانه وتعالى الوفاء بهما كما يتضح من كثير من الآيات ومثال ذلك ما يلي:



1/1 " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ......" (المائدة/1).

1/2 "والموفون بعدهم إذا عاهدوا ...." (البقرة/177).

1/3 "وبعهد الله أوفوا ........" (الأنعام/152).

1/4 "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا" (النحل/91).

1/5 "وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا" (الإسراء/34).

1/6 "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" (المؤمنون/8).



2- وبالنسبة لاثبات الدين (وربما انعقاده أيضا)، وهو ما يسمى في القوانين الحديثة بعقد القرض ، نجتزئ الأحكام التالية الواردة في الآية (282) من سورة البقرة:



2/1 "يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه.......... ".

2/2 "وليكتب بينكم كاتب بالعدل .....".

2/3 "وليملل الذي عليه الحق .....".

2/4 "واستشهدوا شهيدين من رجالكم ….. ".

2/5 "فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الأخرى......".



3- وفيما يتعلق بالميراث، جاء في الآية الكريمة (11) من سورة النساء ما يلي: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاثنين ........." (النساء /11).


يتبع لطفا

جاسم العلي
05-02-2006, 17:44
ثانيا: أمثلة من مصادر التشريع الأخرى

بالنسبة لما نسب للرسوم محمد عليه الصلاة والسلام من أحاديث تتعلق بالأحكام القانونية، نورد الأمثلة التالية:



1- بالنسبة للبيّنات، جاء في الحديث بأنه لا تجوز شهادة خائن ولا خائنه ولا زان ولا زانية (1). وكذلك الحديث الذي يقول بأنه لا تقبل شهادة خصم على خصمه(2).

2- وفي الميراث والوصية، ورد في الحديث بأنه لا وصية لوارث(3)، وان الوصية في حدود ثلث التركه فقط، ولا تجوز بأكثر من ذلك(4).

3- وبالنسبة للحجر على المدين المفلس أو المعسر، فقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال للدائنين خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك(5) ، أي يتم توزيع أموال المدين على الدائنين وليس لهم غير ذلك، مما يعني عدم جواز الحجر على ذلك المدين(6).



اما فيما يتعلق بالاجماع، فقد ورد في التراث الاسلامي امثلة عليه، منها توريث الجد لسدس التركة عند عدم وجود الأب مع وجود الابن، وكذلك الحكم بمشاركة الجدة لاب للجدة لام في سدس التركة إذا كانت كل منها وارثة(7) .



ومن مصادر التشريع الاسلامي الاجتهاد (الفردي)، وهو بيان الرأي في مسالة لا يوجد عليها نص مباشر في الكتاب أي القرآن الكريم، أو السنة، أي ما ينسب للنبي (ص) من أحاديث شريفة (او الاجماع). ومن طرق الاجتهاد القياس والاستحسان. ويقصد بالقياس إعطاء ذات الحكم المنصوص عليه في مسألة معينة، لمسألة اخرى غير منصوص على حكمها لاتحاد العلة. ومن أمثلة ذلك انه نسب إلى النبي (ص) قوله بأنه لا يرث القاتل،

ولكن لم يرد نص على قتل الموصى له للموصي، فقاس الفقهاء حكمه على حكم الوارث بان حرموه من الميراث. أما الاستحسان فيقصد به العدول بالمسالة عن حكم نظائرها إلى حكم آخر لوجه أقوى يقتضي هذا العدول(8). ومن الأمثلة عليه جواز الاستصناع والسلم، استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز بيع المعدوم(9).





البند الثالث: تغير الأحكام بتغير الأزمان

ويثور التساؤل عمّا اذا كانت هذه الأحكام قابلة للتغيّر والتطور بتغيّر الظروف عموما مثل الزمان والمكان والبيئة، ام ان حكمها واحد لا يتبدل مطلقا مهما كانت الأسباب. ونقول في هذا الشأن انه من المتفق عليه ان أسس العبادات الدينية مطلقة وصالحة لكل زمان ومكان، وهي بالتالي غير قابلة للتغير مهما كانت الأسباب والظروف. فالايمان بالله الواحد الذي لا شريك له هو جوهر الإسلام(10) بمعناه الواسع الذي يشمل كافة الديانات السماوية بما فيها اليهودية والمسيحية والإسلام بالمفهوم الضيق(11). وكذلك فان الصلاة والصوم والزكاة والحج من أسس الإسلام (أو من اثاره الجوهرية) وهي أيضا من الواجبات الدينية،

التي لا تتغير ويجب القيام بها في كل زمان ومكان. ومن هذا القبيل أيضا، الأشياء المحرمة سواء في إطار الأحوال الشخصية، مثل تحريم الزواج من ألام والأخت والعمة والخالة(12)، أو في إطار الأطعمة مثل تحريم لحم الخنزير(13)، والاشربة مثل الخمر(14)، والمعاملات المالية مثل القمار(14).



وبناء عليه، يمكن القول ان مجال إمكانية تغير الأحكام بتغير الأزمان، ينحصر فقط في مسائل المعاملات أو العلاقات الإنسانية البحتة، سواء كانت في إطار الأمور المالية التي ترتب حقوقا مالية أو التزامات لشخص في مواجهة الآخر، وهو ما يطلق عليه بالقانون المدني بمصادر الالتزام، من عقد، وتصرف انفرادي (الإرادة المنفردة)، وفعل ضار (العمل غير المشروع)، وفعل نافع (الإثراء بلا سبب)، والقانون، أو كانت في إطار التشريع الجزائي من جرائم وعقوبات، أو كانت حتى في إطار الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونسب وغير ذلك.



وفي إطار المعاملات المدنية بشكل خاص، يبدو جليا انه ليس من المنطق ولا العدل الادعاء او المطالبة بثبات الأحكام القانونية من وقت وجودها والى الأبد، بالرغم من تغيّر الظروف التي أوجدت تلك الأحكام. وعلى سبيل المثال، فان الكتابة مثلا هي إحدى وسائل الإثبات الأساسية في المعاملات المدنية. وحسب المفهوم التقليدي للكتابة، فانها، عموما، عبارة عن ورقة موقع عليها من الأطراف المعنيّين. الا ان الكتابة والتوقيع تطورا في الآونة الاخيرة، فاصبحا بالوسائل الإلكترونية الحديثة مثل الفاكس والتلكس والبريد الالكتروني. ومن غير المعقول التمسك بالمفهوم القديم لهذين المصطلحين، وترك المفهوم الجديد بشأنهما بالرغم من انتشارها انتشارا واسعا في مختلف الدول. كما انه ليس من العدل ان يرفض القاضي الاعتراف بصفقة تجارية تمت عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، بحجة عدم وجود دليل كتابي على اتمام الصفقة، بالمفهوم التقليدي لمصطلح "كتابة".



وتمشيا مع هذا الواقع العملي، أقرت الشريعة الإسلامية بإمكانية تغيّر الأحكام بتغيّر الظروف وبشكل خاص بتغيّر الأزمان. وجاءت مجلة الأحكام العدلية المستمدة من الفقه الحنفي، وهي القانون المدني في الدولة العثمانية، وتبنـّت قاعدة واضحة وصريحة بقولها "لا ينكر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان"(المادة 39). وجاء في شرح هذه المادة بان الأحكام تتغيّر بتغيّر العرف والعادات. فإذا كان العرف والعادة لاهل بلد معين يستدعيان حكما، ثم تغيرا إلى عرف وعادة أخرى، فان الحكم يتغير إلى ما يوافق ما انتقل إليه عرفهم وعاداتهم(15). ومن أمثلة ذلك في التراث الإسلامي ما يلي:



1- كان اللون الأسود في وقت من الأوقات يعدّ عيبا. لذلك، إذا صبغ الغاصب الثوب باللون الأسود، فانه يكون قد عابه. الا ان عرف الناس تغيّر بحيث اصبح اللون الأسود من قبيل الزيادة على المال المغصوب. وترتب على ذلك ان تغيّر الحكم على هذا النحو(16).

2- ومن شروط القاضي في الشريعة الإسلامية ان لا يكون المرشح لهذا المنصب فاجرا. ولكن اذا جاء الزمان الذي اصبح فيه الناس فجارا، فيجوز تعيين قضاة منهم ولكن من اقلهم فجورا.

3- ومن ذلك ان قواعد الميراث حسب القرآن الكريم تقضي بانه للذكر مثل حظ الانثيين، الا ان هناك اراض كان يمنحها السلطان العثماني كنوع من العطايا لبعض رعاياه. وهي ما يطلق عليها بالاراضي الميري. فجاء قانون الاراضي العثماني وسوّى بين الذكر والانثى في الميراث، ما دام ان صاحب حق التصرف فيها قد حصل عليها من دون جهد.

4- وكذلك، فان ابن الابن المتوفي عنه والده يحرم من الميراث اذا كان للجد اولاد غير المتوفي. غير ان العدالة تقضي اعطاءهم نصيبهم من الميراث بما يساوى نصيب والدهم لو كان حيا، وهو ما ذهبت اليه العديد من قوانين الدولة الاسلامية مثل مصر والاردن تحت باب ما يسمى بـ "الوصية الواجبة". وفي هذا النوع من الوصية، جمع المشرّع بين احكام الميراث بحيث يكون للحفيد نصيب والده من التركة، وبين احكام الوصية بحيث لا يتجاوز هذا الميراث ثلث التركة.

5- ويذكر الفقه التقليدي ان الشافعي كان له فقه في العراق، وعندما انتقل الى مصر ووجد عادات واعراف اهلها تختلف عن عادات واعراف اهل العراق، عدّل بمذهبه بما يتلاءم والوضع الاجتماعي في مصر.



ومن الأمثلة الحديثة التي يمكن القول بشأنها بانه لا ينكر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان ما يلي:



1- منع الرق والجواري بالرغم من عدم وجود نص حاسم ومباشر في التراث الإسلامي يمنع ذلك.

2- اجازة عقد التامين وهو من عقود الغرر، بالرغم من ان التراث الإسلامي يحظر الغرر في العقود عموما.

3- منع الشفعة بتاتا او تقييدها في حالات ضيقة بعد ان أصبحت وسيلة غير مشروعة للارتزاق في كثير من الأحيان، بحيث تقتصر الشفعة على الشريك في العقار، وذلك خلافا للتراث الإسلامي الذي أجاز الشفعة للشريك والجار الملاصق والخليط.

4- جواز تقييد حق المؤجر بإخلاء المستأجر من المأجور حتى لو انتهت مدة العقد، بسبب أزمة المساكن والمحال التجارية، بالرغم من ان التراث الإسلامي يوجب غير ذلك في العقود عموما، وفي عقد الاجارة بشكل خاص، باعتماده قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين".

5- الخروج عن قاعدة "الدية على العاقلة" المقبولة في التراث الإسلامي، والاخذ بقاعدة ان كل إنسان مسؤول عن نفسه في التعويض عن الأضرار الجسدية التي يلحقها بالآخرين.

6- إباحة التصوير سواء أعتبر ذلك للضرورة أو غيرها نظرا للحاجة لذلك، مع ان التراث الإسلامي يحظر ذلك إلى درجة التحريم.



وباختصار، يمكن القول ان الشريعة الإسلامية تقر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان على النحو المشار إليه سابقا. ويمكن القول في هذا الشأن ان من حق المشرّع ان يضع ما يشاء من قوانين لتسيير الأمور، بما يحقق مصالح الناس، وبما يؤدي إلى التيسير عليهم، ولكن ذلك مقيد بشرط أساسي، الا وهو عدم مخالفة نص آمر في القرآن الكريم أو السنة الشريفة الثابتة يقينا وبصورة قطعية عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام.


--------------------------------------------------------------------------------

(1) سنن التزمذي، دار احياء التراث، بيروت، البند رقم 3601، ص 306.

(2) سنن البيهقي الكبرى، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1994، جزء 10، ص 20

(3) سنن الترمذي، المرجع السابق، جزء 4، البند رقم 2120، ص 433.

(4) سيد سابق، فقه السنة، دار الكتاب العربي، بيروت، ص 425

(5) سيد سابق، المرجع السابق، ص 410.

(6) وذلك تطبيقا لقول القرآن الكريم "وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة " (البقرة/280).

(7) محمد مصطفى شلبي، المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، بيروت، 1968، ص 250.

(8) محمد مصطفى شلبي، المرجع السابق، ص 258.

(9) محمد مصطفى شلبي، المرجع السابق، ص 259.

(10) لذلك، ورد في القران الكريم "ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" (النساء: 48 و116).

(11) فبالنسبة لقوم موسى عليه الصلاة والسلام (بني إسرائيل) جاء على لسانهم في القران الكريم "...... ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين" (الأعراف: 126). كما جاء على لسان موسى عليه الصلاة والسلام "وقال موسى يا قوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين" (يونس: 84). وبالنسبة للمسيحية جاء في القران الكريم "فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله امنا بالله واشهد بانا مسلمون" (آل عمران : 52). كما جاء في القران أيضا "وإذا اوحيت الى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد باننا مسلمون" (المائدة: 111). وبالنسبة لمحمد عليه الصلاة والسلام ورد على لسانه في القران الكريم "..... وانا أول المسلمين" (الأنعام: 163). وبالنسبة لابراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو أبو الأنبياء فقد كان أيضا مسلما بالمعنى الواسع، حيث جاء في القران الكريم "ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين" (آل عمران 67).

(12) الآية (23) من سورة النساء.

(13) الآية (145) من سورة الأنعام.

(14) الآية (90) من سورة المائدة.

(15) الشيخ احمد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، الطبعة 2، 1989، دار القلم، دمشق، ص 227.

(16) في احكام الغصب عموما، والفرق بين الحالين في الحكم بوجه خاص، انظر المواد 891-911، من مجلة الأحكام العدلية.

والحمد لله رب العالمين على نعم الأسلام