المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكتاب الكتاب اذا اردت العتاب ..!!



شهرزاد
26-11-2005, 10:17
الكتاب الكتاب إذا أرد ت العتاب
إن العتاب مسافهة إذا كان مشافهه

من خواطر الداعية الشيخ الدكتور/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن الراشد

رضي الله عن صحب محمد صلى الله عليه وسلم ، فما أسرع أن أشرب الإيمان قلوبهم وسرى في جوارحهم ، فعاشوه واقعا في حياتهم , فقل عتابهم فيما بينهم وكملت مروأتهم , وسادوا الدنيا بعدلهم وإنصافهم وتمام أخلاقهم , فكان كل واحد منهم تاريخ من التاريخ , ووجها مشرقا يمتد نوره حتى يومنا هذا ، نتذكرهم بإعظام وإجلال ، نتذكر حياتهم وإخوانياتهم ومودتهم فيما بينهم، فينتابنا الحياء تارة لبعد الشقة فيما بين حالنا وحالهم , وتارة تنسكب العبرات لغياب تلك المثل والهمم الباسقات عن واقع حياتنا اليوم، وعن ضمائر اخوتنا وتكلف مودتنا ولاحول ولاقوة إلا بالله .
وأشهد مالذ على خاطري وملأ سمعي ولم ينبؤ عنه بصري , من وصف لهم ولعمق أخوتهم، كماوصفهم رب العالمين في كتابه العظيم في غير ماآية قال تعالى : ْْ{والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولايجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون } .
ياألله ياألله ماهذه الفضائل , وماهذه المكارم ...! فتالله ماكانوا ملائكة ولارسلا ولامن عمار السماء ، بل بشر ممن خلق سبحانه، وماهو والله إلا الإيمان بكل معانيه . ومكار الاخلاق التي بعث صلى الله عليه وسلم لإتمامها .
لولا عجائب صنع الله مانبتت*** تلك المكارم في لحم ولاعصب
لقد تبدل الزمان وظهر ماكان يخشاه صلى الله عليه وسلم من تنافس على الدنياوحطامها , وموت للظمير وانتحار للمروءة, فكل يوم تفجع بأخ لك , وكل ساعة تعزى في مرؤة غائبة وأخوة زائفة , وإن أنت لم تتجرع مرارة الصبر وتعتقد أنك واحد من هذا الجنس، لعشت وحيدا ومت غريبا , ولا بواكي لك ، ( لقد مضى سلف لنا أهل تواصل ، أعتقدوا مننا ، واتخذوا أيادي كثيرة ذخيرة لمن بعدهم ، كان اصطناع المعروف عليهم فرض ، وإظهار البر عليهم حق واجب ، ثم جاء الزمان عن يسر فاتخذوا مننهم صناعة ، وأياديهم تجارة ، وبرهم مرابحة ، واصطناع المعروف بينهم معاوضة ، كنقد السوق ، خذ وهات ).(ابن عقيل)
فلا جزى الله الشدايد أي خير لنقفها حوادث كامنه , وكشفها ستورا مسدلة على خيوط من الأخوة والتآخي هي في حقيقتها أوهى من بيت العنكبوت .

إنك لتصحب الرجل ساعة من الزمن، فتظن وتشعر أنك وإياه من رحم واحده ، وسرعان ما تتلاشا كل الحواجز بينك وبينه , وترفعان ثوب الكلفة بينكما بيد من المحبة والألفة ، بل إن الهرة لتدخل دارك وتنام على فراشك وتطعم من طعامك وتشرب من سقائك , فترى أن لها حقا عليك من عطف ورحمة وإنتصار (نعم وانتصار على هرة الجيران ) ، فكيف بأخيك الذي ربط الله أخوتكما من فوق سبعة أرقع ، وجعلها من دعائم الدين وحث عليها في غير ماموطن من الوحيين المنزلين .
إن للأخوة حق قل من أداه ، فلقد إنتكست كثير من الفطر , فلا بهدي الإسلام سارت ولابمروءة الجاهلية التزمت ، بل ظن كثير من الناس ،أن حق أخيك عليك أن تحدثه ويحادثك ، وتجامله ويجاملك , وتسامره ويسامرك , وتطعمه ويطعمك ...، ثم هو وشأنه ، مساكين هؤلاء ماذاقو معنى الاخوه ولاعرفوه .
فلعمر الحق ماجاوزت هذه الخصال الترابط الحيواني , فقل لي بربك : أين من يهتم لهمك ويأرق لأرقك ، ويحزن لحزنك ويبكي لبكائك , ويسر لسرورك ، فإن نزلت بساحتك الهموم، نسي همه وأشتغل لذب مانزل بك ، وإن اضافتك ضائقة وجدها من منن الدهر كي يسعى بمالديه اليك مواسيا لك في محنتك , فلربما ضر نفسه لينفعك ، يأتيك مسرعا مرددا:
أخاك أخاك من يسعى معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
فماهو إلا كالشمعة تحرف نفسها لتظي لك الطريق , لاترقب منك حمدا ولاذما ,و لاجزاءا ولاشكورا .
فلاتظنن ـ يارعاك الله ـ أن هذا ضرب من الخيال أو نسج من ألاذهان وإبداع ، بقدر ماهو متمثل في أمم ممن شرح الله صدورهم للإيمان ومكارم الاخلاق .
ودونك التاريخ , قلب صفحاته ، وانظر في أعطافه ،ترى أن هذه الأمة أنجبت جبالا من الرجال كل فرد منهم بأمة يقف التاريخ عنده ، لقد ضربوا أروع الأمثلة في الأخوة الصادقة ،حتى لربما آثر أحدهم الموت عن صاحبه .
هذان صحابيان جليلان الحارث بن هشام المخزومي وعكرمة إبن أبي جهل رضي الله عنهما ، قتلا في وقعة اليرموك وهما يتدافعان الماء كل واحد منهما يؤثربه صاحبه ، لما أثخنت الحارث الجراح ، إستسقى الماء فأتي به اليه ، ولماتناوله نظرإلى عكرمة صريعا في مثل حاله ، فردالإناءعلى الساقي وقال :امض إلى عكرمة ، فمضى إليه فأبى أن يشرب قبله ، فرجع إلى الحارث فوجده ميتا ، فرجع إلى عكرمة فوجده قد مات فلم يشرب واحد منهم . أولائك آبائي فجئني بمثلهم... ، رضي الله عنهم وأرضاهم .
إن من لم يصبر مع هذه المحن الأخويه صبر الكرام , سلاسلو البهائم ، إن في الموت راحة للمؤمن من كل عناء ، تدمع له العين ويحزن له القلب ، وليس للمؤمن غاية معه إلا الصبر والاحتساب والرضى لقضاء الله وقدره ، ولكن البلاء كل البلاء، موت الوفاء , وفقد الإخاء ,ووأد الموده ، ثم لاتجد من يعزيك ،أو يفطن لحالك فيواسيك .
وقبل أن أختم الحديث، فالعاقل من اتهم نفسه ,وظن بإخاوانه , وعرف أهل زمانه , وعلم علم اليقين أن مايرجوه من بني جنسه ماهو الاضرب من الخيال أو طلب للمحال ، فلينعم بماقص علينا من أخبار السالفين ،وليؤد للناس الذي لهم وليسأل الله الذي هو له ، وفي الله خلف وعوض من كل شئ ، وليلم نفسه قبل لوم ألآخرين .
لست الملوم أنا ألملوم لأنني ***علقت آمالي بغير الخالق
وختاما: فلاتحسبن أن كتابنا هذا عنوان هجركم ، أو أذان الأخلال بمودتكم ، فماسطرناه للشكوى أو وصف البلوى ، إذا لاحترقت أحرفه بين يديكم ، لحرارة المشاعر ، وتوارد الاحزان ،واستعظام الموقف، ولاستعرتم مع أعينكم أعينا تسعفكم الدموع ، فمازال للعتاب في ساحتكم موضع ، وللاخوة من قلبكم مرتع ، وإليها أوجه هذا الخطاب , فماهذا الكتاب إلا لهو أدبي ، نطرد به مايعتري الخاطر من هموم وأعباء .
إذا كنت في كل الامور معاتبأ***صديقك لم تلق الذي لاتعاتبه
فعش واحــــدا أوصـــل أخاك فإنه *** مقارف ذنب مرة ومجــــانبه
وإن أنت لم تشرب مرارا على القذى*** ظمئت وأي الناس تصفومشاربه
ولعلي اذكرك بماقال أبو الفضل رحمه الله : قديوحش اللفظ وكله ود ، ويكره الشئ وليس من فعله بد , هذه العرب تقول : لاأبا لك في الامر إذا أهم , وقاتله الله ولايريدون الذم ، وويل أمه للأمر إذا تم ، ولذوي الالباب أن ينظروا في القول إلى قائله ، فأن كان وليا فهو الولاء وإن خشن وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حسن .( بكلامه عنونت وبه ختمت)
وما أحسبني والله لك إلا وليا ، اشهد الله على محبتك .

فسلام الله عليك ورحمته وبركاته ، سلاما يتصل أمثاله بسمعك أبدا مابقيت .

ريم شمر
27-11-2005, 00:41
في الحقيقه مقال اكثر من رائع

وخواطر تخاطب القلوب والعقول

اظن انه مازال هذاالترابط وهذه المحبه موجوده رغم انها نادره

لكنها لم تعدم والا تحولت حياتنا الى غابه موحشه

واجمل مافي الكون الاخوه الصادقه والصداقه الحقيقيه

شكرا لك شهرزاد

موضوع قيم

شام
27-11-2005, 03:21
موضوع مفيد وقيم ..
جزاك الله خيراً أختي ..
ودمت بخير

الاصمعي
27-11-2005, 04:01
الكتاب الكتاب إذا أرد ت العتاب
إن العتاب مسافهة إذا كان مشافهه
^
^
حفظ الله ابن عمٍ لي فكم أكثرت عليه العتاب ولكن مكاتبة كما تفضل الشيخ الفاضل ولم أعاتبه مشافهة قط!:)

خاطرة جميلة جداً

بارك الله فيك

شهرزاد
27-11-2005, 09:45
اختى الكريمة

ريم شمر

اشكرك على المرور والرد

شهرزاد
27-11-2005, 09:46
اختى ايمان زادك الله ايمانا وشكرا على المروروالرددددد

شهرزاد
27-11-2005, 09:48
اخى الاصمعى اشكرك على الردولوانى تمنيت ان تلخص ما يدورفي خاطر الكاتب من افكار


اشكرك على المرورررررر

سيدة القـــــلم
27-11-2005, 18:39
مقالــ رااائع وقيـــّم ياشهرزاااد.. ..

يقالـ اولـ الغيث قطــره.. ويبدو لي ان غيثك بداء بالهطولـــ ..

لا حرمنـــا الله منك ولا من علمـــك.. ..


شكراً لكــ

احـمد الـطـرقي
28-11-2005, 00:22
بارك الله فيك اخي شهرزاد


سجل اعجابي وحظوري

تحياتي
اخوك
احمد الطرقي