المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو نظرية ادارية سعودية للعمل الجماعي



سلطان زمان
10-02-2005, 02:57
محاضرة بعنوان:

تنظيم الرَّبْع الإداري
نحو نظرية إدارية سعودية للعمل الجماعي مستوحاة من تجربة فعلية من البيئة المحلية

والتي عقدت بالمركز الرئيسي للجمعية السعودية لعلوم العمران


الباحث
فهيد عايض الهمزاني الشمري
عضو الجمعية السعودية للإدارة



في عام 1413هـ قدم الأستاذ يوسف القبلان في كتابه أفكار إدارية تساؤلاته للمشتغلين في التنظير الإداري على النحو التالي:

§ متى يكون لدينا فكراً إدارياً يمثل تجربتنا ، ويقدم أنماطنا وأساليبنا الإدارية بطريقة علمية، كتجربة تدخل ميدان تبادل الخبرات؟
§ ما هو الدور الذي يقوم به أساتذة الجامعات في توفير فكر إداري يمثل واقعنا وتجربتنا؟ أم أن دورهم يقتصر على النقل والترجمة واقتراح توفير كتب معينة من الخارج؟
§ أليس بإمكاننا تقديم نظريات إدارية جديدة؟
§ إلى متى نردد أفكار تايلور، ودراكر، وماسلو؟
§ لماذا نردد في كتبنا ما قيل ويقال منذ سنوات عن أساسيات ومبادئ الإدارة، دون إضافة تبرز خصائصنا ونكهة بيئتنا؟

ويبدو لي ان معضلتنا نحن الإداريين شديدة لكوننا لم نتوصل إلى أي شكل أو نموذج إداري متعارف على انه يمثل الإدارة العربية السعودية، كما انه ليس من باب الترف أن نحاول استخلاص بعض القواعد والمبادئ العلمية والعملية من سلوكنا لتأسيس نموذج إداري سعودي، ولا نزايد على احد حينما نقول بأن الإدارة في هذا العصر قد بلغت من ذروتها بأنها أصبحت تقف خلف نجاح جميع الإنجازات والابتكارات والأنشطة التي جعلت عددا من الشعوب في مصاف الدول المتقدمة. ولكن ميزة هذه الإدارة التي نتحدث عنها أنها استنبطت نظرياتها وأساليبها من قيم وثقافات شعوبها. أما المجتمعات الغير متقدمة فمن أسباب تخلفها أنها استوردت نظريات وأساليب الإدارة الغربية بغية تقليدهم واللحاق بهم، متناسين بأن الإدارة مهما قيل عنها فانها تبقى علما سلوكيا يهتم بالفرد والجماعة وكيفية اتصالهم ببعض وكيفية إنجازهم لأعمالهم.

فاليابان انغمست بنقل التقنية الغربية وعلومها العلمية ومحاكاتها إياها، إلا أنها في الوقت نفسه رفضت قبول النظريات والأساليب السلوكية والإدارية الغربية، وصاغت من موروثها المحلي منهجا إداريا يتلاءم مع أنماط سلوكهم وثقافتهم، مما جعلها تتبوأ هذه المكانة الرائدة على الصعيد العالمي. فهل نستوعب الدرس الياباني؟
ومن هذا المنطلق يجب ألا نعتقد بأننا سوف نحل مشاكلنا الإدارية والسلوكية المتعددة من خلال تبني مفاهيم مجردة مثل: الهندرة، الجودة الشاملة، الإدارة بالأهداف.. وغيرها. بل يجب تقييم تلك المفاهيم والأفكار وفقا لمعطيات ومتطلبات مجتمعاتنا.


التحديات والتطلعات
نحن لا نتحدث عن خصوصيتنا الإدارية من باب الترف الفكري أو الاعتداد الوطني والقومي، إنما نتحدث عن خصوصيتنا الإدارية باعتبارها المحرك الأساسي للرقي والتقدم من خلال التوظيف الأمثل للموارد البشرية في بيئات العمل وتوجيهها لتحقيق أفضل النتائج بشكل إبداعي وبكفاءة وفاعلية.
لقد عاشت منظمات الأعمال المحلية عقودا من الرغد في ظل حماية الدولة والدعم المستمر والقروض الميسرة. أما الآن فان التحديات بدأت تطل على منظماتنا من خلال فرض برامج سعودة الوظائف بنسب تصاعدية، وكذلك التحديات المرتقبة بعد أن تنضم المملكة لاتفاقية منظمة التجارة الدولية، حيث ستبرز على أرضنا مواجهة مباشرة مع منظمات الأعمال العالمية والشركات المتعددة الجنسيات للاستحواذ على حصص السوق.
إنني أتساءل من خلال هذا المكان هل تتوقع منظمات الأعمال المحلية الصمود أمام الشركات والمكاتب العملاقة ونحن نتسلح بفكر إداري تم تصميمه ليتلاءم مع مجتمعات مغايرة؟ هل من المعقول ان نكون أكثر قدرة على استيعاب وتوظيف الفكر الإداري الغربي بشكل أفضل منهم على ارض الواقع؟
لم يعد أحد يجهل أن الإدارة قد تطورت في الغرب عبر العقود الماضية ومرت بمراحل متعددة، وفي كل مرحلة كان لها اتجاهات متباينة تعكس الأوضاع البيئية التي ظهرت خلالها. ولسنا بصدد استعراض تلك النظريات الإدارية، إنما أود الإشارة إلى واحدة منها وهي البيروقراطية والتي اشتهرت على نطاق واسع وطبقت كتنظيم إداري في جميع المنظمات بدول العالم.

أسباب ظهور البيروقراطية
يعتبر ماكس فيبر الذي عاش في الفترة 1864ـ 1920 منظراً لنظرية البيروقراطية. وهو من اصل ألماني كان راهبا متدينا بروتستانتيا، ثم اشتهر كعالم اجتماع درس جميع الأديان. ولم يعد خافيا أن ماكس فيبر قد بلغ من اعتزازه بالبروتستانتية إلى الحد الذي يراها خلف نجاح الرأسمالية في الغرب، ولأجل ذلك صاغ من التنظيم الكنسي النموذج البيروقراطي الإداري، الذي يتلاءم مع الأنماط السلوكية لشخصية الإنسان الغربي المسيحي. ولا شك بان نجاح ماكس فيبر لم يأت نتيجة تخمين أو عن نقل تجارب الآخرين، إنما بناء على دراسات وأبحاث استنتج خلالها بأن التنظيم المطبق في الكنائس البروتستانتية هو التنظيم المناسب لمنظمات الأعمال بعد إجراء التعديلات، بحجة أن الناس قد اعتادوا على نظام الكنيسة فعلى سبيل المثال لا الحصر التسلسل الإداري الهرمي للكنيسة، والمراتب الدينية ومسمياتها المتعددة، والالتزام الحرفي بالتخصصات، وأساليب الاتصالات ومرورها عبر قنوات محددة، والتدرج الوظيفي من أسفل السلم الهرمي إلى أعلاه وفق قواعد وشروط محددة. وقد أطلق ماكس فيبر على نظريته البيروقراطية وتعني سلطة المكتب. وقد حبكها فيبر جيدا، والدليل انها جاءت مفصلة على المقاس بالنسبة للمنظمات الغربية، بينما تخب على منظماتنا.
الشعور بالمرارة
أن نشعر بالمرارة شيء، وان نشعر باننا لا نستطيع فعل شيء فذلك شيء آخر. بالنسبة لنا فنحن نشعر بالمرارة تجاه ما يسمى بالتنمية الإدارية والإصلاح الإداري لكونهما لا يتعديان حدود تكريس البيروقراطية المثالية، والتي أثبتت فشلها مرة تلو الأخرى. وكنت أتمنى لو أن هذه الجهود قد صبت في دراسات وأبحاث لاكتشاف أساليب ونماذج إدارية تتماشى مع ثقافتنا السائدة، وتأخذ في اعتبارها سلوك الفرد في مجتمعنا وأنماط تفكيره.
لقد عايشت هذه المرارة عقداً من الزمن ولم يكن بمقدوري أن اعمل شيئا في ظل وجود أساتذة ومفكرين، يتحدثون ويتحدثون ويتساءلون باستمرار عن متى يكون لدينا فكراً إدارياً يمثل تجربتنا؟ وإذا خرجت علينا إصداراتهم بعد ذلك فانها لا تتعد النقل والترجمة، أو أقلمة النظريات والأساليب الإدارية الناجحة والادعاء بأنها تتماشى مع ثقافتنا وأنماطنا، حتى البيروقراطية وهياكلها التنظيمية وإجراءاتها المعقدة وفكرها المغاير أشيع بأنها تتماشى مع موروثنا الإسلامي والاجتماعي!!
إخواني الحضور.. يبدو أن العلامات والمراحل المميزة والفارقة في حياة المرء تجيء وتحدث في كثير من الأحيان عن طريق المصادفة البحتة، وان دوره يقتصر على أسلوبه في الإفادة من الفرصة التي تتيحها المصادفة أو إغفالها وتركها تمر دون أن يشعر بها. وهذا ما قد قمت به شخصيا حيث استثمرت مصادفة وقائع تجربة الربع بالبحث والدراسة، من خلال قناعتي بأنه لا توجد معرفة من غير تجربة.
وأحداث التجربة بدأت في منتصف 1420هـ حينما قررت مجموعه من الأشخاص تبني فكرة مشروع سفلتة طريق عام على نفقتهم يخدم عددا من قراهم. ولم تكن ولادة الفكرة بالعملية السهلة إذ تطلب ذلك اجتماعات مسبقة فلم يحدد اسم شخص بعينه كرائد لفكرة المشروع، إنما خرجت الفكرة وتطورت ونجحت من خلال التفاعل في التفكير الإبداعي الجماعي.


مفهوم تنظيم الرَّبْع الإداري
· ان كلمة الرَّبْع لها مفعول السحر على المجتمع العربي الخليجي ، فدائما ما تتردد عبارة " نحن ربع " على الألسنة تعبيرا عن التلاحم والتكاتف والمكاشفة، وتتذلل الخلافات وتسقط الفروقات وتبرز القيم الفاضلة.
· يعتبر تنظيم الرَّبْع الإداري مفهوما إداريا بسيطا نابعا من القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، تختفي فيه الأدوار الفردية ويحل العمل الجماعي، تتضاءل فيه التخصصية وتحل العمومية في العمل، تنحسر فيه مركزية السلطة وتتحرك دوافع العمل الذاتية، ينعدم فيه التدرج الهرمي ويحل الخط التنظيمي الأفقي، تطغى فيه البساطة على كل شيء ويختفي التعقيد، تتوارى فيه السرية وتتاح المعلومات والبيانات للجميع يوما بيوم، تذوب فيه أساليب الإشراف التقليدية ويتحول الرئيس من شخصية متحكمة في كل شيء إلى شخصية غير مرئية.
· يعتبر انعكاسا للأحوال والأفكار وأنماط السلوك والقيم المتعارف عليها وأكثر وضوحا وانغراسا في التربة المحلية والتقاطا لنبض الشرائح الاجتماعية في خصوصيتها. من منطلق ان الإدارة في المجتمعات المتقدمة لا يمكن أن تتخلص من اثر مثل هذه العوامل النابعة من بيئتها، كما لا يمكنها أن تتجرد منها.
· لم يغب منطق التصميم عن تنظيم الرَّبْع الإداري وان كان قد خرج على جميع الأشكال المألوفة في مجال الإدارة، وان كان موغلا في المرونة إلا انه يخضع لنوع من التصميم خفي صعب الإدراك لمن لم يعي ثقافة الرَّبْع في البيئة السعودية.


تعريف كلمة الرَّبْع علميا:
الرَّبْع بمفهومه الواسع كما عرفه الدكتور فضل الله بأنه التكوينات الاجتماعية المتعددة من قبيلة أو عائلة أو حارة واحدة ينتظمون في اتحاد متعدد الأغراض . ينشأ هذا الاتحاد لأداء هدف محدد تطوعي موقوت بقيد زمني متعارف عليه . مثل حفر بئر أو بناء سد أو ما شابه ذلك من الأعمال التي تستدعي تضافر الجهود أو اتحاد الكلمة والعمل الجماعي بشكل عام.


طبيعـة التنظيـم
· تعتبر طبيعة التنظيم انعكاساً للأحوال والأفكار وأنماط السلوك والقيم المتعارف عليها والظروف السائدة.
· يخلو تنظيم الربع الإداري من تعقيدات الهرم الإداري ومستوياته، حيث يعكس الطبيعة الخاصة التي يتميز بها التنظيم من حيث أهدافه وخصائصه البيئية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تعمل في إطارها.
· يجسد المتغيرات البيئية وتداخل الأدوار الوظيفية .
· لا توجد مستويات في هذا التنظيم نظرا لأن الأدوار ترتبط بالمهام. وتتميز فرق العمل من خلاله بالمرونة من حيث عضويتها وبنائها وقيادتها اعتمادا على المواقف المتجددة والمهام الطارئة.
· لا تتصف الوظيفة بمستوى هرمي أو بدور وظيفي محدد وإنما هي وظيفة عائمة تنتقل من شخص لأخر حسب الظرف.

الفرق بين تنظيم الربع والنظام القبلي
يختلف تنظيم الرَّبْع الإداري عن النظام القبلي في أن الأدوار في النظام القبلي ثابتة تتجسد السلطة في شخص رئيس القبيلة, فهو شيخ في كل المواقف والوظيفة تورث. فالنظام الإداري القبلي يتمحور حول الفرد, بينما تنظيم الرَّبْع الإداري يدور حول المهمة ويتمحور حول تبادل الأدوار. كما هو واضح من تعريفه ومفهومه السابق.

واقع العمل الجماعي في منظماتنا
بالرغم من أن العمل الجماعي جزء من ثقافتنا وأنماط سلوكنا، إلا أننا أصبحنا نواجه ظاهرة قلة الوعي بأهمية العمل الجماعي وكأنه لم يعد جزءا من ثقافتنا، بل أننا أصبحنا غير قادرين على ممارسة العمل الجماعي. ويعود ذلك إلى تأثير فلسفة النزعة الفردية الغربية على مجتمعنا. ومن الآثار السلبية الناجمة عن ذلك أن معظم منظمات ومكاتب الأعمال غير قادرة على تطبيق فكرة الاندماج لمواجهة التحديات بالرغم من حاجتهم ورغبتهم الماسة، ولكنهم لا يستطيعون! لانهم بكل بساطة قد اعتادوا وأدمنوا العمل الفردي، وأصبحوا غير قادرين على قبول الأخر ليشاركهم القرار والرؤية. وفي المقابل فقد سعت المجتمعات الغربية في العقدين الأخيرين للتخلي التدريجي عن فكرة الإفراط في تعميق النزعة الفردية، لما سببته من الوصول إلى حالة العزلة والتنافس غير الايجابي في الحياة التنظيمية.

بلورة إدارة عربية سعودية
لماذا نحاول ان نقترح نظرية إدارية مختلفة؟ في الحقيقة لسببين: الأول انه بالرغم من التزامنا بتطبيق أغلب النظريات الإدارية التي ساهمت في تطور المجتمعات المتقدمة، إلا أننا مع ذلك ما زلنا نعتبر من المجتمعات الغير متقدمة!!. والسبب الثاني هو أننا لا نملك ولا نرى أسبابا للالتزام بنفس ما التزمت به المجتمعات الأخرى في أساليبها الإدارية!!
لذلك يمكن القول إن تنظيم الربع الإداري يأتي في سياق التوجه نحو بلورة إدارة سعودية أكثر تماسكا ووضوحا وانغراسا في التربة المحلية والتقاطا لنبض الشرائح الاجتماعية في خصوصيتها وبعث قيم العمل الجماعي. ومهما يكن من أمر فان الخصوصية التي ننشدها في ما نطرحه لا تخفى على أفراد مجتمعنا. فتنظيم الربع الإداري يعمل على العودة إلى الجذور الضاربة في عمق الموروث وتنقب عن خصوصيته وتعيد تشكيل نماذجه البشرية. كما أننا نؤكد على مسالة التفاعل بين الوعاء البيئي الطبيعي والإنسان، ذلك الإنسان الذي أعلن من قبل عن بقائه في عالم الريح والرمل والمطر الشحيح، وعن حبه لذلك البقاء وقبوله لتحدياته.

الإطار التنظيمي لتنظيم الرَّبْع الإداري
يتكون الإطار التنظيمي الإداري للربع من الشكل التالي:



الدليل مجلس الرَّبْع الاستشاري خلايا العمل


كما تلاحظون فان الإطار التنظيمي يعكس الطبيعة الخاصة التي يتميز بها تنظيم الرَّبْع الإداري، أهدافه وبساطته وخصائصه والبيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعمل في إطارها، كما يجسد المتغيرات البيئية وتداخل وترابط الأدوار الوظيفية. ولذلك لا يتخذ الهرم الإداري شكلا له، إنما يقتصر على خط أفقي.

وفيما يلي توضيح لهذه الأدوار:

أولاً/ نمط القيادة ( الدليـل)
يختلف نمط القيادة في تنظيم الرَّبْع الإداري عن غيره في التنظيمات المعاصرة الكلاسيكية، حيث يمكن ان يدار التنظيم بواسطة " الدليل ". ويدرك أعضاء التنظيم بان هناك متطلبات رئيسية عند القيام بمهمة الدليل:
1. تعتبر فترة عمل الدليل لمهامه محددة بالفترة الزمنية المتفق عليها لإنجاز المهمة، أو المرحلة التي سوف يباشرها.
2. يتم اختيار الشخص المناسب المهيأ بأن يكون الدليل، والذي يبرز من خلال طروحاته وأفكاره واستعداده ودرايته وقدرته على تحقيق التطلعات المأمولة والوصول بها نحو الأهداف المنشودة بكفاءة وفاعلية.
3. يمارس الدليل مهامه للوصول نحو تحقيق التطلعات والأهداف المأمولة. مع عدم الإخلال بحقه في اتخاذ القرارات الملائمة.
4. لا ينفرد الدليل عند مزاولة مهامه بامتيازات مادية إضافية أخرى.


ثانياً/ مجلس الرَّبْع
بطبيعة الحال فان أعضاء التنظيم حينما يجلسون ويتناقشون فهم يشكلون المجلس. لذا لا تعتبر عضوية المجلس ثابتة، أو مقتصرة على أفراد معينين، فكل فرد في التنظيم يتمتع بالحق بإبداء رأيه في المواضيع المطروحة للنقاش، أو بطرح أفكاره ومقترحاته ومناقشتها مع الآخرين في أي وقت مناسب. ويتولى المجلس مايلي:
1. تحديد الأهداف.
2. مناقشة البرامج والميزانيات والإجراءات اللازمة لتنفيذها.
3. اختيار الشخص المناسب المهيأ بأن يكون " الدليل " للتنظيم بناء على درايته وقدرته في تحقيق التطلعات المأمولة والوصول نحو الأهداف المنشودة بكفاءة وفاعلية.



ثالثاً/ خلايا العمل
حينما نتحدث عن خلايا العمل, فإننا لا نعني ذلك المفهوم العادي لعلاقات العمل, بل مفهوم العلاقات التي تعي وتقدر قيمة التعاون والاعتماد المتبادل. حيث تتميز الخلايا بأنها تتشكل اختياريا حسب ميول الشخص واهتماماته واتجاهاته لتحقيق هدف معين, تختفي فيها الفردية والتخصصية والمركزية والتسلسل الهرمي, وتتميز بالمرونة والاختيارية من حيث عضويتها وبناؤها كما يمكن تركيبها وإعادة تركيبها اعتمادا على المواقف المتجددة والمهام الطارئة.
يتشكل أعضاء الخلية ليكونوا مسئولين عن أداء عملية متكاملة، تطلق خلالها الطاقات وتعطى الحريات حسبما يتراءى لهم بهدف الوصول إلى الهدف الأسمى المنشود. ويتم تدريب أعضاءها على المهارات اللازمة للعمل قبل البدأ فيه، على ان تتولى الخلية تحديد الاحتياجات التدريبية المطلوبة لأعضائها.
ونمط القيادة في خلايا العمل يتم بواسطة الدليل ( دليل لكل خلية) بشكل دوري بين أعضائها، أو على حسب مراحل تحقيق الأهداف. وتدرس القرارات بمشاركة الجميع، ويتولى أعضاء الخلية وضع وتطبيق الإجراءات التأديبية والجزائية داخليا.


التحول إلى ثقافة تنظيم الربع الإداري
يعبق الماضي بكثير من العادات الكريمة والشيم الحميدة التي أخذت تميع في أروقة البيروقراطية الحديثة. والعادات هي أفعال وتصرفات سبق ان قام بها الفرد فحصل على نتيجة إيجابية وتعزيز من الآخرين. ولذلك تعود عليها وواظب على إتيانها حتى أصبحت طبيعة مكتسبة فيه بفعل التكرار، واصبح يفعلها بشكل تلقائي.
وما يمكننا القيام به هو التعزيز الإيجابي لمآثر الشرف والأمانة والالتزام والإخلاص والتفاني من خلال التشجيع والتقدير حتى يصبح عادة تلقائية لدى الموظف ولدى كل إنسان. بحيث يبدأ بتكرار الفعل دون ان يفكر بما سيحصل عليه.

مشكلات فرق العمل التقليدية
يعاني الأفراد أثناء تحولهم إلى فرق العمل الجماعي من الخوف والسيطرة. هذه المشكلات لا نراها على السطح ولكن أعراضها تبرز وتتضح من خلال قلة المشاركة وحجب المعلومات، واحتكار المناقشات، وتفشي السلبية، وكثرة الشكوى. وإذا تعمقنا اكثر سنجد صراعا محتدما بين الأفراد وبين متطلبات الثقافة الجديدة التي تترتب على تشكيل الفريق.
وتواجه الفرق في فترة التحول مشكلات كثيرة، فتكون السمة الغالبة على الأداء هي الترقب والقلق وكثرة الأخطاء، والتجريب الحذر للأفكار الجديدة، وتقييم ما يقوم به الآخرون، ومقاومة التغيير والتوتر والإحساس بقرب الانهيار. هذه المشكلات تعتبر أعراضا تمر بها فرق العمل التقليدية قبل النقلة المرتقبة.

الشيم العربية:
تلعب الشيم العربية الأصيلة مثل النخوة والفزعة والحمية والكرم وإنكار الذات وغيرها دورا كبيرا في تحفيز خلايا العمل نحو التعاون الإيجابي والعمل الإبداعي، ويوفر تنظيم الرَّبْع الإداري المناخ الملائم لبروز هذه القيم والاستفادة من فعالياتها والتي تمثل ثقافتها التنظيمية.
ولان خلايا العمل تتشابه في تنظيمها إلى حد كبير، فان الأفراد يستمتعون بالتنقل خلالها والعمل معا بنجاح حيث يتيحون لبعضهم فرصا للمشاركة في اتخاذ القرارات كما ذكرنا سابقا، ويقدمون الدعم والمساندة لبعضهم البعض.

التدريب:
يتفاعل التدريب في خلايا العمل من خلال مساعدة الأفراد ذوي الأداء المتدني وتدريبهم على الأداء بكفاءة وبفعالية، وفي حالة عدم قدرة البعض فهم طبيعة أدوارهم في الخلية، فانه يتم البحث عن مكامن قوتهم الأخرى وتوجيههم نحوها حتى تظهر إبداعاتهم ويسهموا مع الآخرين في الإنتاجية. أما في حالة كون الشخص يتعمد سوأ الأداء والرغبة في التملص من الواجبات ، فإن الأمر يختلف حيث يقوم الربع وبشكل حازم بمواجهة الموقف ومعالجته بالطرق المناسبة. فالقاعدة الأساسية لنجاح خلايا العمل هي اتفاق جميع أفرادها على المساهمة في تحقيق النجاح.

الخلاصـة
لعلنا نستطيع أن نستخلص من وقائع هذه التجربة تنظيما إداريا ملائما لتطبيقه في منظمات الأعمال ـ مصانع ومكاتب وشركات ـ التي تتوجه نحو تبني أسلوب العمل الجماعي في تنظيمها مع مراعاة أن يكون العاملون من الأشخاص الذين يقدرون ويستوعبون ثقافة الرَّبْع.
كما انني وكلما اتيحت لي مثل هذه الفرصة فانني أعلن عن رغبتي بالمشاركة ضمن خلية عمل من جميع التخصصات على غرار تنظيم الربع لتأطير هذه النظرية وتجربة تطبيقها في إحدى المواقع لإعادة صياغتها بشكل يضمن لأرباب العمل من أنها تحقق أهدافهم العملية وتخلق تجانسا بين العاملين.

وفي الختام اشكر لكم حضوركم، وتقبلوا خالص تقديري،،
وفقنا الله وإياكم إلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


* لمزيد من الاطلاع على هذا الموضوع الرجوع إلى كتاب يحمل عنوان المحاضرة متوفرا في عدد من المكتبات. بعنوان " تنظيم الربع الإداري .. نحو نظرية ادارية سعودية للعمل الجماعي" صدر عام 1422هـ.

الشمري محمد فهد
13-02-2005, 05:06
أشكرك على وضع هذا الملخص للمحاضرة و الكتاب هنا ..

و سأعمل على إيجاد وقت لقراءته بعطلة نهاية الأسبوع , فلي

إهتماماتي بهذا المجال - الإدارة - و المتزايد بإطراد مؤخرًا ...

بداية قوية لك , فحافظ عليها ..

أشكرك مجددًا أخي ..

تحية ..